مفهوم المدونات الالكترونية ونشأتها

المدونات الإلكترونية وتوظيفها فى التعليم:

تعد المدونات الإلكترونية إحدي أهم وأكثر تطبيقات الجيل الثانى للويب Web 2.0 استخداما، والتى تعتبر من أهم وسائل التواصل والتعبير والتفاعل التى فرضت نفسها فى القرن الحادي والعشرين، وأصبحت المدونات أسلوباً للتعليم الإجتماعى والتفاعل الافتراضى، وبيئة إلكترونية صالحة للتبادل المعرفى ومشاركة المعلومات والأداءات، مما شجع المستفيدين على توظيفها كل وفق حاجته وتخصصه، وهذا بدوره أثَّر على مجالات عديدة منها: التعليم والتدريب.

1- مفهوم المدونات الإلكترونية Blogs:

يرى فراج (2006، 10) أن المدونة بالإنجليزية: تعنى blog وهي مكونة من كلمتىWeb log  بمعنى سجل الشبكة، ومنها مصدر التدوين blogging وهو عملية إنشاء المدونة والنشر فيها، والمدونون bloggers وهم الأشخاص الذين يقومون بالتدوين، ثم مجال أو عالم المدوناتblogsphere  وهو العالم المترابط من المدونات المتاحة على الإنترنت والتي يمكن الوصول إليها من خلال محركات البحث أو من خلال كشافات المدونات، وإذا كان تعريبblog  يعنى السجل، أو المكتوب، أو الصحيفة، إلا أن كلمة "المدونة" هي التعريب الأكثر قبولاً وانتشاراً حتى الآن.

ويرى ويو Wu ( 2006, 69) أن كلمة المدونة Blog تستخدم كاسم وفعل، فتستخدم كاسم بمعنى جريدة أو يوميات على شبكة الانترنت، وتستخدم كفعل بمعنى الكتابة أو التدوين، وتعتمد المدونة على ترتيب زمني تصاعدي لتدوينات مؤرخة يتم تحديثها عن طريق الفرد أو الجماعة و تشتمل على الأرشيف والتعليقات والتقويم الزمني.

ويشير جريج Greg (2006, 2) إلى أن المدونات تعتبر نوعاً من أنواع نظم إدارة المحتوى التى يمكن توظيفها لنشر محتوى المقرر الدراسى، والتفاعل مع الطلاب بمناقشتهم، وتدوينهم لآرائهم وملاحظاتهم ومقترحاتهم.

ويعرف سيمسك Simsek (2009, p.32) المدونة الإلكترونية بأنها: صفحة ويب على شبكة الإنترنت تظهر عليها مدخلات مؤرخة ومرتبة ترتيباً زمنياً تصاعدياً، كما يتضمن النظام آلية لأرشفة المدخلات القديمة، ويكون لكل تدوينة منها مسار دائم لا يتغير منذ لحظة نشرها، ويمكن للقارئ الرجوع إلي تدوينة معينة في وقت لاحق عندما لا تتاح في الصفحة الأولى للمدونة، كما يتضمن ثبات الروابط ويحول دون تحللها.

 ويرى كارمين Carmean (2008,5) أن المدونة هى: إحدى أنظمة إدارة المحتوى الإلكترونى على الويب تسمح لصاحبها بنشر المحتوى (نص ولقطات فيديو وصور) فى قوالب جاهزة وبشكل دورى كما تتيح أدوات للبحث والاسترجاع للمحتوى بالإضافة إلى التعليق عليه، بحيث يدور نقاش حول ما يعرض فى المدونة من محتوي وليس مجرد صفحات للقراءة.

ويعرفها سامسيك Simsek, (2009, 32) بأنها: صفحة ويب تظهر عليها تدوينات "مدخلات" مؤرخة ومرتبة ترتيباً تصاعدياً، ويكون لكل مدخل عنوان دائم يمكن الرجوع إليه في وقت لاحق، وقد تكون تلك المدخلات على صفحة ويب ثابتة، أو مدعومة من قاعدة البيانات أخرى.

ويعرفها باحميدان (2010، 1) بأنها: صفحة ويب بعنوان متغير, تمكن المدون من تدوين ما يرغب من أفكار وأراء وخواطر وأحداث ومواضيع فى شتى مجالات الحياة العلمية والعملية بشكل نصوص أو صور أو فيديو, فى تسلسل زمنى مؤرخ, مع إتاحة مساحة حرة لكل من يطّلع على مدونته لإبداء تعليقاتهم وآراءهم من تأييد أو رفض لما تتضمنه أطروحات المدونة .

ويعرفها بدوى (2011، 7) بأنها: موقع انترنت تفاعلى يوفر التعلم الإلكترونى ويسمح للمتعلم أن يتعلم فى أى وقت وفى أى مكان بشرط وجوده على شبكة الانترنت، ويتبادل المشاركات بينه وبين إدارة الموقع وبينه وبين زملائه فى ظل قواعد محددة للمشاركة .

ويعرفها حجازى (2011، 198) بأنها: إحدى أساليب التعليم الإجتماعى والتفاعل الافتراضى عبر شبكة الانترنت التى تشجع المستفيدين للانخراط والتكيف مع تقنيات إدارة المحتوى، لتحقيق أهدافهم وتلبية احتياجاتهم فى بيئة تعلم افتراضية تنبض بالمرونة والتفاعلية والحيوية والنشاط.

وعلى ضوء ما تقدم يمكن استنباط مجموعة من العناصر تشترك فيها التعريفات السابقة، وهى كما يلى:

أ- المحتوى الرئيس للمدونة غالباً ما يكون حول موضوع واحد معين متخصص.

ب- الموضوعات أو الأحداث تكون مرتبة ترتيباً زمنياً تصاعدياً.

جـ- يمكن أرشفة الموضوعات القديمة، بحيث يصبح من السهل الرجوع إليها فى أى وقت.

د- تحتوى المدونة عادة على قائمة ببعض الروابط الإلكترونية لمواقع أخرى ذات صلة.

هـ- تصمم المدونة عادة من قبل شخص يتحكم فيها يسمى (ناشر المدونة/ المدير)، بحيث يكون لديه صلاحيات تختلف عن صلاحيات زوّار المدونة.

و- تتيح المدونة غالباً مساحة حرة لكل من يطّلع عليها لإبداء التعليقات والآراء من تأييد أو رفض لما تتضمنه المدونة من موضوعات أو أحداث .

ز- تركز المدونات على التعليم الإجتماعى والتفاعل الافتراضى والتواصل بين المعلم والمتعلمين

 وبين المتعلمين أنفسهم فى بيئة تتسم بالحرية والمرونة والتفاعلية.

وفى ضوء ما سبق يمكن تعريف المدونة الإلكترونية فى هذا البحث بأنها: موقع ويب على الانترنت يتبع أدوات الجيل الثانى Web 2.0، ويظهر عليه مدونات خاصة بمهارات الفهرسة المقروءة آلياً، يتم فيها عرض المعلومات بصورة محددة، وتكون مؤرخة ومرتبة ترتيباً زمنياً تصاعدياً، وتشمل كل مدونة مهارة أو أكثر من تلك المهارات، وتسمح بتبادل التوجيهات والتعليقات بين المعلم والمتعلمين وبين المتعلمين أنفسهم؛ لكونها إحدى أساليب التعليم الإجتماعى والتفاعل الافتراضى، كما تحتوى المدونة بالإضافة إلى النصوص المكتوبة العديد من لقطات الفيديو والصور الثابتة المتعلقة بمهارات الفهرسة المقروءة آلياً (موضع البحث).

2- نشأة وتطور المدونات الإلكترونية:

ظهرت المدونات الالكترونية بشكلها التقليدي في منتصف التسعينيات من القرن العشرين؛ حيث كان أو ظهور لها سنة 1997 وقدمها المدون الشهير John Berger ويعد بارغر هو أول من طرح المدونات الالكترونية في شكل صفحات شخصية. (سلوي المصري، 2011، 173؛ Downes, 2004, 15).

وعلي الرغم من ذلك الا أن الانتشار الفعلي للمدونات الالكترونية علي شبكة الانترنت كان في مطلع عام 1999 من خلال خدمة الاستضافة والتي بدأت مع موقع Live Journal.com  وأخذ المطورون في توظيف البرامج المساعدة لتطوير المدونات حتي ظهر موقع استضافة المدونات علي الانترنت Blogger.com في اغسطس من عام 1999 والذي سمح بإنشاء المدونات وتعديل تصميمها بسهولة عبر الانترنت. (Loving, 2007, 180. et al. ).

 وابتداءاً من عام 2001 زاد الإقبال على استخدام المدونات وازدادت أهمية مجتمع التدوين بسرعة وبدأت مدارس الصحافة المعروفة فى الولايات المتحدة الأمريكية، بإجراء البحوث والدراسات فى التدوين وفنونه وتقنياته، وملاحظة الفرق بين الصحافة والمدونات، وخلال عام 2002 أصبحت المدونات وسيلة معتمدة لنشر الأخبار ومصدراً لها يستخدمها الساسة ومرشحو الانتخابات، كما استخدمت المدونات كوسيلة للدعاية التجارية العالمية، وخلال عام 2003 ذاع صيت المدونات الإلكترونية الشخصية، وأخذت المدونات منحى جديداً عندما بدأت بتزويد الجمهور بتعليقات سريعة على الأحداث المتلفزة مكونة بذلك ما يسمى بـ (التدوين الحى) الذي يشبه نمط النقل التلفزيونى الحى للأحداث والأخبار.(برونز، 2004، 3).

وكانت بداية التدوين فى الوطن العربى باللغة العربية مع نهاية عام 2004 وزاد عدد المدونات الالكترونية العربية بصورة كبيرة بين عام 2004 وعام 2008 والتي قدرها مركز واتخاز القرار بمجلس الوزراء المصري بنحو 490 الف مدونة عربية. (جمال عيد، 2009، 205)، ومنذ ذلك الحين وهناك ثورة في عدد المدونات العربية عبر الانترنت وخاصة مع ظهور مواقع المدونات المجانية أبرزها موقع (www.Blogger.com) وموقع (www.wordpress.com) وموقع (www.maktoobblog.com) ومنذ ذلك الحين وأصبحت المدونات ظاهرة عامة بانضمام العديد من مستخدمى الإنترنت إلى صفوف المدونين. (Bruemmer, 2005).

وزاد استخدام المدونات الإلكترونية طليعة عام 2005 عندما خصصت صحيفة الجارديان البريطانية الصفحة الثانية منها لنشر يوميات عن المدونات، كما انتشرت المدونات الالكترونية بين الافراد بصورة كبيرة في نهاية عام 2005 حتي أطلق علي عام 20005 عام المدونات.(رفعت المليجي، وآخرون 2010).

وتطور ذلك الاستخدام بصورة غير مسبوقة مع بداية من عام 2006 ؛ وفي هذا الصدد فقد أشارت التقارير الرسمية الامريكية أن 73% من الشباب بالولايات المتحدة يستخدم المدونات الالكترونية في حياته اليومية وأن 45% من هؤلاء المدونون تحت سن الثلاثون عاملا وأن الزيادة علي المدونات أصبح ظاهرا تستدعي الدراسة. (Lenhart & Foxs, 2006, 2).         

وكانت بداية التطور التقنى فى تصميم ونشر المدونات الإلكترونية بدايةً من عام 2010، حيث أعلنت شركة جوجل عن تطوير جذرى فى برنامج المدونات الخاص بها، وذلك من خلال إضفاء نوع من الخصوصية والسرية على الخدمة، بحيث يقتصر الدخول على مجموعة معينة يتحكم فى ذلك المشرف على المدونة، وفى عام 2012 استطاعت المدونات فتح قنوات اتصال مع أدوات الجيل الثانى للويب مثل: الفيسبوك واليوتيوب والتويتر وغيرها، وخلال عام 2013 دعمت المدونات خاصية الـ RSS وهي تقنية تتيح للمستخدم الحصول على معلومات ترسل إليه بشكل منتظم، بدون حاجة لزيارة موقع الانترنت الذي يقدم هذه المعلومات، حيث يُزوّد المستخدم برابط يوصله إلى المعلومة وتحديثاتها، ويطلق على هذه المعلومات "تلقيمات" RSS-Feeds. (صافى، 2013، 3).

وبعد انتشار المدونات ورواجها أصبحت هذه المدونات توصف بأنها إحدى أهم أدوات الجيل الثانى للويب؛ لتميزها بالتفاعلية، والوصول المباشر من قبل المستفيدين، وتشكيل المجموعات الإلكترونية، هذا فضلاً عن أنها تتيح للقارئ القدرة على التعليق والمداخلة على الأخبار والمواد المنشورة على المدونات سلباً أم إيجاباً دون عوائق للحد من حرية التعبير عن الرأى مع ثقة القارئ بأن تعليقه أو مداخلته سوف تُنشر بالكامل دون أى تحريف أو حذف، وأن بإمكان جميع زوّار موقع المدونات الإطلاع على ما يقوله.